تاريخ النشر : 2013/12/27
سماسرة دكاكين المنظمات الوهمية
بغداد 7/7/2012 تراهن الدول الديمقراطية على أهمية المشاركة الشعبية في صنع القرار وتقدم الشعوب من خلال مجموعة كبيرة من منظمات المجتمع المدني الطوعية غير النفعية ، المتخصصة فعلا في مجالها لتكون بديلا عن فساد الأجهزة الرسمية والبيروقراطية ، والعراق جرب حظه في هذا المجال .
غير إن تجربة الأعوام الماضية منذ سقوط النظام في 9 نيسان 2003 ولحد الان شهد ( فورة) لتأسيس منظمات لكل الاختصاصات بعد إن فتح الأمريكان والدول المتعددة الجنسية الأبواب لهكذا منظمات لتكوين نواة لمنظمات حقيقية تسهم بصورة جادة بالإسراع بالتحولات الديمقراطية في العراق المصاب بالطائفية والاثنيات المتصارعة والبيروقراطيات المتوارثة .
وفعلا تم تسجيل عدد كبير من المنظمات وتلقت أموالا طائلة من تلك الدول والمنظمات الدولية المعنية في إحداث تغيير في العراق ، وتصل المبالغ المدفوعة مباشرة لهذه المنظمات أو التي تم إنفاقها على الورش التدريبية والتاهيلية داخل البلاد وخارجها بمليارات الدولارات ، ولكن يحق لنا بعد أكثر من تسع سنوات إن نضع هذه المنظمات في الميزان وتحت المجهر لنعرف حقيقة دور هذه المنظمات والنتائج التي تمخضت عنها .
ويمكن لنا إن نذكر بعض النقاط وهي ليست بعيدة أو متقاطعة مع نتائج أي دراسة علمية أكاديمية تحاول قياس اثر هذه المنظمات في التحول الديمقراطي ونلخص هذه النقاط بالاتي وندعو كل الجهات المعنية والمختصة لعقد مؤتمر وطني لتسليط الضوء على هذه المنظمات ومعرفة الحقيقية منها وهي على عدد أصابع اليد والشبحية منها التي تمارس النصب والاحتيال وأشياء أخرى تمس الأمن القومي وأخلاقيات المواطن العراقي .
أولا : لقد كشف لنا ان المنظمات المحسوبة على القوى المهيمنة على العملية السياسية العلمانية والإسلامية على حد سواء والمسيحية أيضا وعلية الأمر لكل من يدعي تمثيل القوميات والكيانات الأخرى لتأسيس منظمات وهمية مستغلة علاقة كتلهم بسلطة الائتلاف وقوات الاحتلال وبشخصيات معنية بالمنظمات الدولية خارج العراق واستحصال مبالغ ضخمة ذهبت إلى جيوبهم الخاصة ، رغم أنهم كانوا يمارسون نشاطات ظاهرها تطوير الإعلام وحماية الحريات الصحفية وحقوق الإنسان والحقوق الدستورية ومساندة المرأة والمعاقين ومسميات أخرى كثيرة .
ثانيا : انخدعت المنظمات الدولية بمجموعة من المرتزقة المحسوبين على الإعلام حيث تم تكليفها بتنظيم ورش في الداخل والخارج وكان في حقيقة الأمر مجرد القيام برحلات مكوكية لأشخاص من كلا الجنسين طارئين على الاختصاص أصلا وذلك في إطار المنافع المتبادلة والنصب والاحتيال المشترك ، فكم سيدة ذهبت لعشرات الورش الصحفية والاقتصادية والديمقراطية واختصاصات أخرى هي في حقيقة الأمر بعيدة عنها وغير معنية لأنها أصلا معنية بمجاملة شخصية لأسباب يعرفها منظموا تلك الورش .
ثالثا : اقامة مهرجانات لتوزيع دروع الدجل والكلاوات للضحك على الذقون والتي برز فيها عرابا محترفا يترأس تحرير احد المجلات الاباحية التي تصدر في بغداد حيث يقوم هذا الدجال باقامة هذه المهرجانات الخادعة لمن يريد اقامتها للنصب والاحتيال على المسؤولين والشخصيات المعروفة .
رابعا : لقد ثبت إن العديد من أصحاب هذه المنظمات خاصة التي نجحت بالترويج لأسماء منظماتها قد خرقت مبادئ العمل في منظمات المجتمع المدني وحولوها إلى منظمات ربحية للاستثمار الشخصي فهم يقبضون من الداخل والخارج والدليل الثراء الذي ظهر عليهم علما أنهم لا يمارسون أي عمل أو نشاط آخر يمول منظماتهم أو يسدد احتياجاتهم الأسرية والشخصية فمن أين لهم هذا ..؟ ! .
خامسا : استغل هؤلاء الطارئين على هذه المنظمات علاقاتهم الشخصية بالمتنفذين في البرلمان أو السفارات الأجنبية واستحصلوا على مبالغ كبيرة من بند المنافع الاجتماعية السابق السيئ الذكر وقد ذهبت هذه الأموال أيضا لجيوبهم الخلفية ، وهم بذلك ساهموا بتحويل هذه المنظمات إلى واجهات سياسية لتلك الشخصيات التي تدفع ولها طموحات سياسية في الانتخابات المقبلة ، وتحولت هذه المنظمات أدوات للصراع السياسي بدلا من دورها في تعزيز السلم الأهلي ومراقبة السلطات .
سادسا : لقد نتج عن هذه العمليات التي تنطوي على النصب والاحتيال إلى إضاعة فرصة تاريخية لنشر المبادئ الحقيقية لتفعيل دور المنظمات في تثقيف المواطن العراقي المثقل بقيم التخلف والواقع تحت العديد من قوى الظلام ، ودعم الإعلام العراقي من خلال ورش حقيقية وليس وهمية . فضلا عن تهميش ادوار المصلحين الحقيقيين والكفاءات المتميزة والمتخصصة والقادرة على تأسيس منظمات حقيقية ومستقلة على أسس نظيفة بعيدة عن الممارسات النفعية والمصلحية .
إن هذه النقاط وغيرها تجعلنا ندق ناقوس الخطر ونقول إن هذه المنظمات لا ينحصر خطرها في إضاعة فرص التقدم لاستثمار الطاقات بل أنها أسهمت في تشويه الحقائق والإساءة إلى المبادئ التي ترفعها هذه المؤسسات مما أدى عزوف كل الشرفاء من مساندتها والانخراط فيها وعدوها واجهات ودكاكين أخرى للفساد الذي عم البلاد .